بينما اتجول بالمنتديات التعليمية (اللغة العربية)
وجدت هذا الموضوع ,وأردت أن تعم الفائدة للجميع
شاعَ في وسائل الإعلام المختلِفة (مقروءةً، ومسموعةً، ومرئيَّةً) استعمالُ كلمة "مُدَراء" جمعًا لمدير؛ فيقال مثلاً: "كثيرٌ من المُدَراء لا يَقبلون النَّقد"، و"كثيرٌ من المُدَراء غيرُ جديرين بالإدارة"؛ فهل هذا الاستعمال سائغٌ في العربيَّة، مبنيٌّ على قياسٍ صحيح، أو سماع ثابت؟
كلمةُ "مُدِيْر" اسم فاعل من الفعل الرُّباعي "أدار" بوزن: أفْعَلَ [من الجذر: دور]، يقال: أدارَ يُديرُ فهو: مُدِير؛ فوزنُ كلمة "مُدِير" مُفْعِل، أصلها: مُدْوِر، ثم صارت بعد الإعلال: "مُدِيْر" . وهذا يعني أن الميمَ في أوَّل الكلمة زائدةٌ.
وقد قرَّر الصرفيُّون: أنَّ الوصفَ المبدوءَ بميم زائدة – أي: على وزن "مُفْعِل"، أو "مُفْعَل"، أو "مَفْعُول"، أو "مُفَعِّل"، ونحوها – إذا كان للعـاقل= فإنـه لا يُجمَع جمعَ تكسير، بل يُجمعُ جمعَ سلامة: بالواو والنُّون، والياء والنُّون، إلا ما شذَّ، وهي ألفاظٌ قليلةٌ محفوظةٌ أوردها علماءُ العربيَّة في كتبهم.
فالقياسُ في جمع "مُدير" : مُديرون في حالة الرَّفع، ومُديرين في حالتَي النَّصب والخَفْض.
ولم يُسمَع "مُدَراء" جمعًا لمُدير في كلامٍ فصيح؛ ليُلحَقَ بما شذَّ من الجُموع المسموعة.
أما سببُ الوهم والخطأ في جمع"مُدير" على "مُدَراء" فهو الظَّنُّ بأنَّ "مُدير" على وزن: "فَعيل" – مع أن ميمَه مضمومة – [من الجذر: مدر] وجمعَه على وزن "فُعَلاء"، مثل: حَكيم وحُكَماء، وكَريم وكُرَماء، ونحوها، وهو ظنٌّ فاسدٌ ساقطٌ؛ لِـما تقدَّم.
ويَصِحُّ أن يكونَ لفظ "مُدَراء" جمعَ تكسيرٍ لاسم الفاعل "مادِر"، من الفعل الثُّلاثي "مَدَرَ" يقال: مَدَرَ الرجلُ الجِدارَ يَمدُرُه مَدْرًا: إذا سَدَّ خِلالَ حِجارَتِه بالـمَدَر، وهو الطِّينُ اللَّزِجُ المُتَماسِك. وعليه فالمُدراءُ: هم المُطَيِّنون للجُدُر وغيرها، وشَتَّانَ ما بينَ المُطَيِّنينَ المُدَراء والمسؤولينَ المُديرين
ومما التبس على الناس فجمعوه على وزن يشبه فعلاء وهو لا يجمع هذا الجمع لفظ مدير جمعوه على مدراء ظنا منهم أن ذلك صواب ، مع أنهم بهذا الجمع قد وقعوا في وهمين اثنين :
أولهما : أن مدراء وزنها مفلاء لا فعلاء . اعتلت عينها فحذفت عند الجمع فصار وزنها مفلاء .
ثانيهما : أن مديرا وزنها مُفِعْلاً صفة لمذكر عاقل فيجب أن تجمع جمع مذكر سالما على مديرين لا جمع تكسير على مدراء ، ولذا يلحن من يقولَُُُُ : (مدراء) بل الصواب أن يقول (مديرون) ( ، على وزن (مُفعلون)؛ لأن (مديراً) اسم فاعل من الثلاثي الأجوف المزيد بهمزة في أوله، فماضيه (أدار) من أربعة أحرف ، ومضارعه (يدير)
واسم الفاعل (مدير) فهو صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ليست من باب (أفعل فعلاء ) ولا من باب (فعلان فعلى) ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، ولا صفة مشبهة باسم الفاعل كعظيم وكريم اللذين يجمعان على عظماء وكرماء على وزن (فعلاء)؛ لذا وجب أن يجمع جمع مذكر سالما على (مديرين)، كما يجمع (مجيد) على (مجيدين)، و (مريد) على (مريدين) و(مقيل) على (مقيلين)، قال العدناني : " ويجمعون مديرا على مدراء والصواب مديرون لأن من شروط جمع الصفة على فعلاء[كذا]( )، أن تكون صفة لمذكر عاقل على وزن فعيل بمعنى فاعل صحيحة اللام غير مضاعفة دالة على سجية مدح أو ذم كنبيه ونبهاء ولئيم ولؤماء، أما مدير فهي على وزن مُفِعْل لا على وزن فعيل" ( ) . قلت : ما ذهب إليه هو الصواب الذي لا عدول عنه؛ إذ هي قاعدة صرفية لا خلاف فيها، وليست من المسائل اللغوية التي قد ترد بلغتين، ولا من المسائل النحوية التي قد يختلف فيها البصريون والكوفيون، ولهذا لا تجد هذه المسألة واردة في كتب الأقدمين، وإنما تعرض لها فئة قليلة من المعاصرين لمعاصرتهم للحن فيها.
وفي ظني أن علة عدولهم عن الصواب في هذا الحرف ، هو ظنهم أن الياء في (مدير) زائدة كزيادتها في عظيم وكريم، وليس الأمر كذلك، بل الياء في (مدير) أصلية إذ هي عين الكلمة والحرف الأول فيها – وهو الميم حرف- زائد لا أصلي ، على عكس كلمة (عظيم) التي الياء فيها زائدة والحرف الأول فيها -وهو العين – أصلي لا زائد . وإليك موازنة بين كلمتي (مدير وعظيم ).
مدير عظيم
-اسم فاعل من فعل ثلاثي متعد مزيد بحرف وهو الهمزة المحذوفة فماضيه أدار من أربعة أحرف .
-أول حروفه الميم وهو حرف زائد.
-ياؤه أصلية .
-يجمع جمع مذكر سالما فقط. -صفة مشبهة من فعل ثلاثي لازم مجرد . فماضيه عظيم من ثلاثة أحرف .
-أول حروفه العين وهو حرف أصلي .
-ياؤه زائدة .
-يجمع جمع مذكر سالما وجمع تكسير
فخلاصة هذا المبحث أنه لايجوزجمع مدير على مدراء بل يجب جمعه على مديرين
تحيتي
أصبت وجزاك الله كل خير