إسلام ابي بكر الصديق
قال ابن اسحاق :فلما اسلم ابو بكر رضي الله عنه و اظهر إسلامه دعا الى الله عز وجل , وكان أبو بكر رجلا مألفا (مصدر ميمي على المبالغة ,او اسم مكان :أي مكان الألفة و منشأها ) لقومه و محببا (اي محبوبا) سهلا ,و كان أنسب (اي بليغ العلم بأنسابهم )قريش لقريش و و أعلم قريش بما كان فيها من خير و شر . وكان رجلا تاجرا اذاخلق و معروف (صنيعة يسديها المرء الى غيره ) ,و كان رجال قومه يأتونه و يألفونه (اي يحبونه ) لغير واحد (اي من وجوه كثيرة (انعام) ). من الأمر لعلمه و تجارته و حسن مجالسته . فجعل يدعو الى الله و الى الإسلام من وثق به (اي ائتمنة ) من قومه ممن يغشاه و يجلس معه .فأسلم على يديه فيما بلغني الزبير بن العوام , و عثمان بن عفان ,و طلحة بن عبيد الله , و سعد بن أبي و قاص , و عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه , فانطلقوا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعهم أبي بكر فعرض عليهم الإسلام و قرأ عليهم القرآن و أنبأهم بحق الإسلام فآمنو بما جاء من عند الله .
شجاعة أبي بكر الصديق
أخرج البزار عن علي علي رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس !اخبروني من أشجع الناس قالوا : انت يا امير المؤمنين , قال : اما اني ما بارزت (أي ما خرجت من الصف للقتال إلى أحد من الأقران . المبارزة و البراز – بكسر الباء هو الخروج من الصف للقتال , و المراد هنا عمود الشجاعة .) أحدا الا انتصفت (أي اخذت منه حقي كاملا ) منه , و لكن أخبروني بأشجع الناس و قالوا : لا نعلم , فمن ؟؟ قال : ابو بكر رضي الله عنه , إنه كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه و سلم عريشا (هو ما يستظل به ) . فقلنا :من يكون مع الرسول صلى الله عليه و سلم لئلا يهوي اليه أحد الا ابو بكر شاهرا بالسيف (أي مبرزا له من غمده ورافعة ) على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي (أي لا يميل و لا يقصد ) , اليه أحد إلا أهوى إليه , فهذا أشجع الناس – فذكر الحديث .
زهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
حديث زيد بن أرقم رضي الله عنهما في هذا الامر
اخرج البزار عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قال : كنا مع أبي بكر رضي الله عنه فاستسقى (طلب الماء ) فأتى بماء و عسل , فلما وضعه على يده بكى و انتحب (اي البكاء بصوت طويل و مد ) حتى ظننا ان به شيئا (ان في نفسه الماً حاشية الترغيب ) و لا نسأله عن شىء . فلما فرغ قلنا : يا خليفة رسول الله ! ما حملك على هذا البكاء قال : بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ رأيته يدفع عن نفسه شيئا و لا أرى شيئا ؟ قال : ((الدنيا تطولت (أي اشرفت ) لي فقلت : اليكِ عني (ابعدي عني ) ! فقالت (نطقت بقدرة الله او بلسان الحال و الله اعلم ) : اما انك لست بمدركي )) , قال ابو بكر : فشق (ذلك ) علي و خشيت (خفت ) أن اكون قد خالفت امر رسول الله صلى الله عليه و سلم و لحقتني الدنيا (يعني ادركني نعيم الدنيا فيسالني الله تعالى ).
قال الهيثمي : رواه البزار و فيه عبد الواحد بن زيد الزاهد و هو ضعيف عند الجمهور و ذكره ابن حبان في الثقات و قال ك يعتبر حديثه اذا كان فوقه ثقة و دونه ثِقَةٌ , و بقيةٌ رجاله ثِقَاتٌ –انتهى .
و قال في الترغيب : رواه ابن ابي الدنيا و البزار و رواته ثقات الا عبد الواحد بن زيد و قد قال ابن حبان : يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة و دونه ثقة و هو هنا كذلك .
و أخرجه ابو نعيم في الحلية عن زيدبن أرقم ان ابا بكر رضي الله عنه استسقى فأتي بإناء فيه ماء و عسل ,فلما ادناه من فيه بكى و ابكى من حوله فسكت و ما سكتوا ,ثم عاد فبكى حتى ظنوا ان لا يقدروا على مساءلته , ثم مسح و جهه و أفاق فقالوا : ما هاجك على هذا البكاء فذكر نحوه و زاد : ((فتنخت (اي بعدت ) و قالت : اما والله! لئن انفلت مني (اي تخلصت مني فجأة ) لا ينفلت مني من بعدك )) و هكذا و اخرجه الحاكم و البيهقي كما في الكنز .
و اخرج احمد في الزهد عن عائشة رضي الله عنها قالت : مات ابو بكر رضي الله عنه فما ترك دينارا و لا درهما و كان قد أخد قبل ذلك ماله فألقاه في بيت المال .و عنده أيضاً فيه عن عروة ان ابا بكر لما استخلف القى كل درهم له دينار في بيت مال المسلين و قال : كنت أتجر فيه (اي ابيع و أشتري فيه ) و ألتمس به فلما و ليتهم شغلوني عن التجارة و الطلب فيه .
مناقب ابي بكر (ما نزل فيه أو بسبب من القرآن )
1- {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُإِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
إن المراد بأحد الاثنين ابو بكر و أنه المراد بصاحبه ,قال ابن عساكر : جاء من الآثار ما كاد يبلغ التواتر على هذه الآية نزلت في ابي بكر. وأجمع علماء على انه لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في الغار الا الصديق . و قال الحسن: لقد عاب الله عز وجل اهل الأرض جميعاً بهذه الآية إلا ابا بكر . وسمع أبا بكر رجلا يتلوها , فبكى و قال انا و الله صاحبه .
2- ثم قال: {وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} [الليل:19] {إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} [الليل:20 (و لسوف يرضى ) قال المشروكون لما أعتق أبو بكر بلالا رضي الله عنهما : م أعتقه الا ليد (نعمة ) كانت لبلال عنده .
3- عن إبن عباس رضي الله عنه ,في قوله تعالى فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) قال أنزلها على أبو بكر , اذ النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينى عليه.
4-( الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ ) عن عرورة رضي الله عنه قال تعني :أبا بكر و الزبير .
المصادر و المراجع :
1-الشيخ محمد يوسف الكامدهلوي _رحمه الله تعال-كتاب شرح حياة الصحابة –دار ابن كثير-دمشق بيروت-سنة 2024 ميلادي الطبعة الخامسة -الجزء الأول و الجزء الثاني .
2-علي الطنطاوي –ابو بكر الصديق-دار المنارة –جدة-الطبعة الثالثة .