قرأت مقالا لمعالي الأستاذ الدكتور/ محمد بن أحمد الرشيد في جريدة الرياض العدد 14106 وتاريخ 18/1/1441حول ردود الأفعال أمام مواقف الحياة ، فأعجبت بالطرح السلس الذي تميز به معاليه للموضوع كعادته دائما في كتاباته ومعالجاته لبعض القضايا ولا غرابة في ذلك فهو رائد من رواد التربية في بلادنا الحبيبة ،
أحب أن أعلق على الموضوع من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، أريد أن أوضح كيف تحدث المشكلة : الدكتور /محمد ضرب مثلا : بموقف أثار ردود فعل ترتب عليه مشكلات أخر ى أعظم من بداية المشكلة وهو أن الطفلة سكبت كأس الشاي على ثوب الأب ، وذكر كيف تطورت المشكلة :؟ لأن الأب لم يكن حكيما في تصرفه ولم يتناول الموقف بهدوء وسعة بال بل قام وضرب الطفلة ضربا مؤلما مما أثار حفيظة والدتها ونشأ عراك ومشادة بين الأم والأب الله أعلم بنهاية هذا الصراع 0
ماهي المشكلة ؟ المشكلة صعوبة يواجهها ا لإنسان تعجز قدراته عن مواجهتها ، فيلجأ إلى غيره للمساعدة 0
الإنسان هو نفسه الذي يستطيع أن يحد ث المشكلة وهو نفسه الذي يستطيع أن يمنع حدوثها أو القضاء عليها في مهدها ، مثال ذلك جاء الزوج كعادته إلى المنزل من عمله ووجد زوجته لم تطبخ له الغداء فإذا كان الزوج ممن حباه الله سعة في الصدر ولديه القدرة للسيطرة على أعصابه و غضبه فإنه سيتناول الأمور بهدوء وسعة بال ، فهذا الأمر لن يكون مقلقا ولا مثيرا للغضب والسخط، فيكفي في ذلك أن يبتسم في وجه زوجته ويقول لها عسى المانع أن يكون خيرا ، لعلك لم تكو ني متعبة هذا اليوم مما منعك من عدم طبخ الطعام ، ثم ينتظر ماذا سترد زوجته عليه00؟ طبعا من الإجابات التي ستنهي المشكلة ولم يتوقعها الزوج أن تقول الزوجة لزوجها لقد أخبرتك بالأمس بأنه لايوجد لدينا غاز، وأنت لم تحضر ه ، -طبعا- سوف يسكت الزوج ويعرف أن الخطأ منه وليس منها لأنه لم يحضر لها الغازفعلا فكيف تطبخ زوجته طعام الغداء؟ , وقد يتكرر الموقف مع زوج آخر وزوجة أخرى فيدخل الزوج بعد عودته من عمله متعبا منهكا فلا يجد الغداء قد جهز فيغضب أشد الغضب ويرمي زوجته بالكسل والإهمال ولربما سبها وسب أهلها، فترد عليه بمثل ما تفوه به فتتطور المشكلة إلى صراخ وزعل ولربما يحد ث مالا تحمد عقباه وهو الطلاق ، والسبب هو ردة الفعل كما ذكر معالي الدكتور محمد أنا أريد أن أقول : إن ا لإنسان هو الذي يحدث المشكلة أو لايحدثها بردة فعله ، وسيطرته على أعصابه وكبح جماح غضبه ( ليس الشديد بالصرعة إن الشديد من يملك نفسه عند الغضب )، السبب في حدوث المشكلة وتطورها ليس في عدم طبخ الغداء ولكن في ردة الفعل ، فلو استطعنا السيطرة على ردود أفعالنا أمام مواقف الحياة لما عانينا المصاعب والأزمات ، ولكن الإنسان لايفكر فيما سيحدث مستقبلا من مصائب وما يترتب على تصرفه الخاطئ من متاعب يندم عليها فيما بعد، فتحدث المشكلة وتكون النتيجة الندم يوم لاينفع الندم 0، والبعض يعرف المشكلة بأنها سلوك بدون تفكير 0أو ردود أفعال بدون تروي0
أنا في الحقيقة أتمنى أن نستفيد من هذه الموضوعات القيمة التي يتحدث عنها أساتذة كبار لهم خبرتهم في الحياة ، إلى جانب علمهم الغزير الذي أحدث لديهم عمقا ونضجا يؤهلهم لإدراك مايؤول إليه التصرف الخاطئ أمام أحداث الحياة 0
ذكرني ما قاله معالي الدكتور /محمد بحادثة حصلت لي في شهر رمضان المبارك حين كنت جالسا مع عائلتي استعدادا لتناول طعام الإفطار وكنت لابسا ثيابي استعدادا للذهاب للمسجد بعد تناول شيء من طعام ا لإفطار ، فإذا بطفلي ذي الثلاث سنوات يسكب على ثيابي إناء العصير فابتسمت في وجهه ، وقد كان خائفا وملكت أعصابي وقلت في نفسي خوفه يكفي لعقابه و ذهبت وغيرت ثيابي وعدت مسرعا لتناول الإفطار مع عائلتي وكأن شيئا لم يحدث ، وقلت في نفسي لو ضربت ابني هذا ، وعاتبت زوجتي لأنها وضعت الإناء في متناول الطفل لكنت أحدثت مشكلة لاداعي لها وأقل ما فيها أننا جميعا سوف نتنكد جلستنا العائلية الهادئة في هذا الجو الروحاني العظيم وسيصبح طعام الإفطار مرا وخسرنا جلستنا العائلية الهادئة ، التي يجب أن يسودها الحب والتفاهم والاطمئنان والسكينة والوقار في هذه الساعة الثمينة التي ترجى فيها ساعة الاستجابة،
نحن إذا قلنا أننا نستطيع السيطرة على دوافعنا وانفعالاتنا تجاه مواقف الحياة بنسبة 90% ولا نستطيع ذلك بنسبة 10% كما قال ستيفن كوفي ، معنى ذلك أننا نستطيع تخفيف حوادث الطرق بنسبة 90% إذا تقيدنا بتعليمات المرور بربط حزام السلامة مثلا وعدم التجاوز الخطأ، وعدم السرعة الزائدة ، وعدم القيادة عندما يكون الشخص منهكا أو عندما نفاجأ بأن شخصا أساء لنا أثناء القيادة،أو حاول استفزازنا000 الخ لذلك يقول أحد الزملاء ): إذا كنت تقود السيارة فاعتبر أن كل من حولك مجانين وأنت الوحيد العاقل) وكلام زميلي فيه شيء من الصواب ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة ، أنت عليك أن تتأنى وتتمهل وتنتبه أثناء القيادة وتترك الباقي على الله 00، هناك حادثة مرت علي كنت قدخرجت من أحد المحلات التجارية في مدينة الرياض وإذا بشخص ما قد سد علي الطريق فلا أستطيع إخراج سيارتي ، وبعد فترة من الصبر جاء وأخرج سيارته ولكنه لم يعتذر من باب الأدب ، عندها قلت له يا أخي لايحسن بك أن إيقاف سيارتك بهذا الشكل ، لابد من مراعاة شعور الناس ، فقال أحسن أنا حر ، طبعا مارديت عليه بل سكت وهذا الموقف هو الذي يحسن السكوت عنده ليس ضعفا في ولكن خوفا أن أنطق بكلام أندم عليه ، وصرت أتمثل بقول الشاعر :
إذا بليت بشخص لاخلاق له === فكن كأن لم تسمع ولم يقل
وقال آخر :
إذا نطق السفيه فلا تجبه === فخير من إجابته السكوت 000 والله المستعان 0
جزاكم الله خير .. شكرا على هذه الجهود الرائعة
فمنتدانا يفخر بكم وبتواجدكم العطر الى الامام دائما ومن تميز الى تميز .. ننتظر ابداعكم القادم
|