تخطى إلى المحتوى

المعلم بين المهنه والرساله

  • بواسطة
المعلم بين المهنة والرسالة
تُجمع كل الأنظمة التعليمية بأن المعلم أحد العناصر الأساسية للعملية التعليمية التعلمية،فبدون معلم مؤهل أكاديمياً ومتدربٍٍ مهنياً يعي دوره الكبير والشامل لا يستطيع أي نظام تعليمي الوصول إلى تحقيق أهدافه المنشودة . ومع الانفجار المعرفي الهائل ودخولا لعالم عصر العولمة والاتصالات والتقنية العالية، أصبحت هناك ضرورة ملحة إلى معلم يتطور باستمرار متمشياً مع روح العصر؛ معلمٍ يلبي حاجات الطالب والمجتمع.
إن الحاجة ماسة لتدريب المعلمين على مواكبة التغييرات والمستجدات المتلاحقة، ولتحقيق ذلك تتبني بعض الدول مفهوم " التعلم مدى الحياة " , هذا المفهوم الذي جعل المعلم منتجاً مهنياً للمعرفة, ومطوراً باستمرار لكفاياته المهنية.
إن مهنة المعلم عظيمة لأنه الشخص الذي يقوم بعملية التعليم المنهجية, والتي يمر فيها معظم فئات المجتمع, حيث يلقى كل فرد نوعاً ما من التعليم. إن للمعلم رسالة هي الأسمى, وتأثيره هو الأبلغ والأجدى؛ فهو الذي يشكل العقول والثقافات من خلال هندسة العقل البشري, ويحدد القيم والتوجهات, ويرسم إطار مستقبل الأمة.
إن رسالة المعلم تعتبر لبنة هامة في المنظومة التعليمية، تناط به مسئوليات جمة حتمها عليه تنامي هيكلية التعليم واتساع نطاقه من طرق تدريس ووسائل متنوعة ناتجة عن ثورة المعلومات, والانفجارالمعرفي الهائل الذي يمخر المعلم أمواجه بهدف إيصال الطالب لمواكبة عصره.
إن الرسالة الكبرى للمعلمين تتطلب جهداً كبيراً في تنمية معلوماتهم واكتساب مهارات متنوعة ليتمكنوا عن طريقها من التأثير على من يعلمونهم وخلق التفاعل الإيجابي بين الطلاب ومعلميهم فعلى المعلمين أن يكونوا قدوة حسنة في سلوكهم وأخلاقهم وأداء رسالتهم من أجل خلق جيل متعلم واع مفكر مبدع.
لكن هذا المعلم المؤمن برسالته له حقوق لا ينبغي تجاهلها ومنها :
1. حقوق المعلم المهنية:
• من حق المعلم ان يؤهل تأهيلاً يمكِّنه من أداء رسالته التربوية باقتدار ويتحقق ذلك عن طريق التدريب المستمر وتطوير المناهج وإكساب المعلم تلك المهارات.
• رفع مستوى أداء المعلم وتطويره من خلال الدورات التدريبية اللازمة وإطلاعه على كل جديد في مجال التربية والتعليم, وتدريبه على استخدام الطرق الحديثة والتقنيات التربويةالميسِّرة لعملية التعليم.
• تشجيع البحث العلمي والتجريب: يجب تشجيع المعلمى على البحث العلمي والتجريب في مجال الإعداد، وطرائق التدريس، والادارة الصفية والتقويم…الخ.
• رعاية المعلمين المتميزين والعمل على تنمية مواهبهم وتوثيق إنجازاتهم ونشاطاتهم المتميزة في الدراسات والأبحاث وتعريف الآخرين بها.
• تحديد الأنظمة الوظيفية والجزائية تحددياً دقيقاً حتى يعرف المعلم ماله وما عليه.
• معالجة مشكلات المعلم بأسلوب تربوي بعيداً عن التسلط والتشهير.
• تمكين المعلم من تدريس موضوع تخصصه.
• توفير البيئةالمدرسية المناسبة حتى يعمل المعلم براحة وأمان.
2. حقوق المعلم المادية:
• إعطاء المعلم المكانة التي يستحقها في السلم التعليمي وإعلان الضوابط التي تحكم الرواتب ليعيش بكرامة وضبط عمليات النقل والترفيع والترقية.
• تقديم الحوافز والمكافآت المادية لتنمية دافعية المعلم وحبه لمهنته والانتماء لها.
• تحقيق الشعور بالأمن والرضى الوظيفي للتفرغ لرسالته وعدم الاندفاع لممارسة أعمال أخرى.
3. حقوق المعلم المعنوية:
• تغييرالنظرة النمطية للمعلم في أذهان المجتمع وإبراز الصورة المشرقة له ودوره في بناءالأجيال وزيادة وعي أولياء الأمور والطلاب بأهمية احترام المعلم وتقديره.
• منح المعلم الثقة والتعاون معه على تحقيق رسالته السامية ورفع روحه المعنوية وتقدير جهوده.
• وضع نظام يحفظ للمعلم كرامته من الاعتداءات المختلفة.
• احترام المعلم وتقديره والاستماع له ومساعدته في حل المشاكل التي تواجهه.

لم تعد رسالة المعلم مقصورة على التعليم، بل تعداها إلى دائرةالتربية، فالمعلم مرب أولاً, وقبل كل شيء، والتعليم جزء من العملية التربوية. ويتأكد هذا الدور في ظل المشتتات العديدة وفي ظل تقنية المعلومات المتنوعة التي نشهدها هذه الأيام. مما يفرض على المعلم أن يواكب عصره فكما أن له حقوق عليه أيضاً واجبات.
1. واجبات المعلم المهنية: ومن أهم هذه الواجبات:

1. على المعلم أن يكون مطلعاً على سياسة التعليم وأهدافه ساعياً إلى تحقيق هذه الأهدافالمرجوة وأن يؤدي رسالته وفق الأنظمة المعمول بها.
2. الانتماء إلى مهنة التعليم وتقديرها والإلمام بالطرق العلمية التي تعينه على أدائها وألا يعتبرالتدريس مجرد مهنة يتكسَّب منها.
3. الاستزادة من المعرفة ومتابعة كل جديد ومفيد وتطوير إمكاناته المعرفية والتربوية.
4. الأمانة في العلم وعدم كتمانه ونقل ما تعلمه إلى المتعلمين.
5. معرفة متطلبات التدريس: على المعلم أن يحلل محتوى المنهج من بداية العام الدراسي ليحدد على أساسه طرائق تدريسه حتى تتناسب مع أنماط تعلم طلابه.
6. المشاركة في الدورات التدريبية وإجراء الدراسات التربوية والبحوث الإجرائية.

2. واجبات المعلم نحو مدرسته:

1. الالتزام بواجبه الوظيفي واحترام القوانين والأنظمة.
2. تنفيذ المناهج والاختبارات حسب الأنظمة والتعليمات المعمول بها.
3. التعاون مع المجتمع المدرسي.
4. المساهمة في الأنشطة المدرسية المختلفة.
5. المساهمة في حل المشكلات المدرسية.
6. توظيف الخبرات الجديدة.
3. واجبات المعلم نحو الطلاب:

• غرس القيم والاتجاهات السليمة من خلال التعليم.
• القدوة الحسنة لطلابه في تصرفاته وسلوكه وانتمائه وإخلاصه.
• توجيه الطلاب وإرشادهم وتقديم النصح لهم باستمرار.
• تشجيع الطلاب ومكافأتهم.
• مراعاة الفروق الفردية والوعي بطبيعة المتعلمين وخصائصهم النمائية المختلفة.
• المساواة في التعامل معالطلاب.
• تعريف الطلاب بأهمية وفائدة ما يدرس لهم وأهمية ذلك في حياتهم.
4. واجبات المعلم نحو المجتمع المحلي:

• القيام بدور القائد الواعي الذي يعرف القيم والمثل والأفكار التي تحكم سلوك المجتمع.
• توافق قوله مع تصرفاته وإعطاء المثل الحي لتلاميذه ومجتمعه.
• على المعلم أن يكون على علم بقضايا شعبه المصيرية وبالمتغيرات والتحديات التي يمر بها المجتمع،والتفاعل مع المجتمع والتواصل الإيجابي معه.
• أن تتكامل رسالة المعلم مع رسالة الأسرة في التربية الحسنة لأبنائها.

صفات المعلم المنشود الذي يؤمن برسالته:

إن هناك صفات يجب أن تتوفر في المعلم المؤمن برسالته حتى يكون عنصراً فاعلاً في عملية التغيير الاجتماعي التي نسعى إلى تحقيقه:-
• الإخلاص في العمل والولاء للمهنة والالتزام بها والاهتمام بنمو طلابه من جميع النواحي المختلفة.
• التعليم رسالة وليس مجرد مهنة: يعي المعلم دوره ويتحرك بدافع ذاتي داخلي مدركاً لرسالته ويسعى لتحقيقها.
• يحمل هموم شعبه: المعلم المؤمن برسالته يتفاعل مع قضايا شعبه ومعاناتهم ولا يغفل عنها عند القيام بواجبه الوظيفي،إنه المعلم الذي يستطيع دمج فنه وتدريسه بهذه المعاناة وتوجيه طلابه إلى الاهتمامبها والتفاعل معها.
• لا ينتظر العطاء: المعلم المؤمن برسالته لا يربط بين جهده وعطائه وبين ما يحصل عليه من مردود مادي ومعنوي، بل السير نحو تحقيق هدفه الرسالي وتسخير كل طاقاته وإمكاناته لذلك.
• المعلم القدوة: المعلم صاحب الرسالة يعمل بما يعلم ويُعلِّم ، فهو صورة ينعكس فيها ما يعلمه لطلابه.
• المظهر الحسن: على المعلم أن يحسن هندامه ومظهره بعيداً عن الإسراف ولكن في حدود الاعتدال، فذلك أدعى للقبول والتقدير له.
• النمو الأكاديمي في مادة تخصصه: على المعلم أن يتابع نموه الأكاديمي جنباً إلى جنب مع النمو المهني حتى يتابع كل جديد ويكون مرجعاً لطلابه وزملائه مع الاهتمام بالتخصصات الأخرى خاصة ذات العلاقة بموضوع تخصصه حتى يقدم لطلابه نسيجاً متناسقاً وكاملاً من المعلومات.
• العدل والانصاف: على المعلم أن يحترم آداب المهنة وأخلاقياتها ويقوم بالعدل والقسط بين طلابه، يقوِّمهم حسب ما يستحقون دون أي اعتبارات أخرى.
• التعليم مشاركة: إن العملية التعليمية جهد مشترك لها مدخلات كثيرة من أهمها المعلم والمتعلم والكتاب والمنهج…..، ولكلٍّ دوره الذي لا يخفى، ولكن يجب الاهتمام بدور المتعلم وإشراكه في التخطيط والتعليم والتقويم وتتسع هذه المشاركة كلما تقدم الطالب من مرحلة إلى أخرى.
• معلم ومتعلم في نفس الوقت: المعلم صاحب رسالة لا ينقطع عن طلب العلم مهما بلغت معرفته وتقدم به العمر، ولا يجدحرجاً في التعلم حتى من طلابه.
• اسكتشاف المواهب ورعايتها: النبوغ ليس قصراً على التفوق الدراسي بل له جوانب شتى من شعر وخطابة وقدرات علمية وإبداعية وإمكانيات قيادية، تحتاج هذه الجوانب إلى معلم يكتشفها ويصقلها وينميها ويعمل على إشباعها من خلال الرعاية والأنشطة المدرسية المتنوعة.
• مراعاة الفروق الفردية: على المعلم الاهتمام بالفروق الفردية بين طلابه وأنماط تعلمهم المتعددة وإعداد أنشطة وطرائق تناسب مستوياتهم وقدراتهم وحاجاتهم ودوافعهم.
إن رسالةالمعلم من أسمى وأشرف الرسالات، وأمانة من أعظم وأثقل الأمانات، لأن المعلم يتعامل مع النفس البشرية التي لا يعلم إلا الله بُعد أعماقها واتساع آفاقها، فالمعلم يحمل رسالة سامية يعد فيها جيلاً صالحاً مسلحاً بالعلم والمعرفة.
ولكن المعلم في ربوع وطننا فلسطين يحمل عبء رسالة خاصة، فهو ليس منْ يدِّرس في مدرسة.. بل الذي يمتلك القدرات في أن يجعل مجتمعه قادراً على الصمود وعلى امتلاك المعارف وقادراً على الصمود والتحدي، إنه المعلم الفلسطيني الذي يحمل رسالته يعلِّم الأجيال قضية وطنه وجوهر الصراع مع المشروع المعادي.
وعلى امتداد تاريخ النضال الفلسطيني، لعب المعلم دوراً قيادياً وإنتاجياً، فقد أنتج قيادات خيرة انخرطوا في قوى حركات التحرر العربي، حيث كان المعلم وما يزال المدرس, والموجِّه والمربي والزارع والحريص على التمسك بقدسية قضية فلسطين.
إن المعلم الفلسطيني هو المعلم النموذج الذي أعطى الكثير لشعبه وأمته العربية, ولا يزال يعطي, رغم الظلم والإجحاف الذي لحق به.
ولقد صدق الشاعر عبد الغني أحمد الحداد في قصيدته "رسالة المعلم" حيث خاطب المعلم صاحب الرسالة قائلاً:
تحيا وتحملُ للوجودِ رسالةً قُدُسِيَّةً يسمو بها الأطهارُ

ما أنت إلا النبعُ فيضُ عطائِهِ خيرٌ يفيضُ وهاطلٌ مِدرارُ

يكفيكَ فخراً ما صَنَعْتَ علىالمدى تَشْقَى وَغَيْرُكَ مُتْرَفٌ مِهْذَارُ

يُعطي الكريمُ وأنْتَ أكرمُ مانحٍ هيهاتَ لَيْسَ تُثَمَّن الأعمارُ

هذِي الحضاراتُ التي تزهو بها لولا المعلمُ هَلْ لها إثمارُ

شكرا جزيلا لكاتب هذه السطور لما فيها من توضيح لدور المعلم ومهمتة التي يتفانى في الإخلاص لها
شكراً جزيلاً أخي أبو آية لهذا الموضوع الذي بين كثيراً من جوانب رسالة المعلم ومستلزمات مهنته وحقاً نشكر إخواننا المعلمين وأخواتنا المعلمات من أصحاب الرسالة في أرض فلسطين المحتلة الذين مازالوا على العهد في بناء جيل مؤمن بربه متمسك بقيمه متواصل مع عصره غير مفرط بأرضه يفدي بكل مايملك مقدسات أمته وحرمات شعبه مدافع عن عزته وكرامته غير مستسلم لقوى الظلم والطغيان والسلب والنهب مهما كانت مدعومة من قوى الشر العلمي …
ولنا ملحوظة في تكرار كلمة خلق جيل فالأفضل استبدالها بكلمة بناء جيل أو إعداد مع إدراكنا لسلامة المقصد….وكذلك خلو المقال من مهمة عظيمة للمعلم وهي ربط المتعلم بربه وتعزيز القيم الإيمانية وغرس الوازع الداخلي
شاكرا لك هذا الجهد الطيب
أخوكم طارق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.