تخطى إلى المحتوى

مراكز التربية الخاصة نظرة لا بد لها أن تتغير

مراكز التربية الخاصة .. نظرة لا بد لها أن تتغير
بقلم :محمد العمادي

ان فلسفة التغيير بشكل عام تحتاج إلى بذل الجهد والعمل الدؤوب والتفاني من أصحاب العلاقة في هذا المجال أو ذاك، وفي مقالنا هنا يأخذ الموضوع أبعادا عديدة فالنظرة هنا ليست للفئة فقط وانما تتعداها لتصل إلى الأسرة والبرنامج والعاملين فيه مما قد يزيد الأمور تعقيداً، إلا ان تفاؤلي بالقدرة على التغيير تغيير نظرة المجتمع المحلي والعالمي للإعاقة وما يعتريها أمر لا جدل فيه وهذا ما يجب ان يحذوا حذوه كل إدارات مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة.

لعل ما شجعني على كتابة تلك المقالة ما قرأته على احد مواقع الانترنت من وصف لذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم والعاملين معهم حيث يشدد المقال على «ان تلك الفئة من الفئات ذات الوضع الاقتصادي المتدني أو كما يقال من ذوي الدخل المحدود« وان كان هناك جزئية صحيحة في هذا المقال من وجهة نظري تتمثل بان الوضع الاقتصادي يلعب دوراً حيوياً في نمو وتطور الاعاقة، إلا ان وجود الاعاقة قد لا يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع الاقتصادي للأسرة.

وهذا ما أثبتته العديد من الأبحاث والدراسات المتعلقة بحدوث الاعاقة فلم تخلو الأسر ذات الدخول المرتفعة والوضع الاقتصادي الجيد من الاعاقة بجميع أشكالها، اذكر في هذا الصدد ما ذكرته الدراسات الحديثة عن اضطرابات طيف التوحد بان حدوثها لا يتأثر بأية خصائص ثقافية أو عرقية أو اجتماعية، أو بمستوى الدخل الأسري، أو المستوى التعليمي أو نمط الحياة، وبغض النظر عن الوضع الاقتصادي لأسر ذوي الاحتياجات الخاصة وأثره على حدوث الاعاقة أو عدمه فما يعنينا هنا تلك النظرة الدونية لشريحة مهمة من شرائح مجتمعنا.

لقد تنوعت النظرة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم والعاملين معهم بتنوع فئات المجتمع فتجد أحياناً نظرة الشفقة وتجد تارة أخرى نظرة السخرية وأحياناً نظرة الرفض أو الدونية مما يؤدي بالضرورة إلى خلق تلك النظرة السلبية والإحباط لأولياء الأمور والعاملين في هذا القطاع.

من هنا كان لا بد من العمل على توعية المجتمع قدر المستطاع بالوسائل العلمية والتربوية لتغيير تلك النظرة، ولا يتم ذلك إلا بتظافر الجهود الخاصة والعامة كما هو معروف لجميع التربويين بأن احد أهم الأهداف التي يسعى إليها العقد العربي للمعاق هي تغيير نظرة المجتمع للاعاقة بشكل عام وتغيير نظرته للمعاق نفسه على وجه الخصوص.

ولعل أهم الإجراءات التي قد تساعد على تغيير تلك النظرة سن القوانين والتشريعات التي تؤكد على أهمية النظر إلى ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن معيار الإنسان العادي من حيث الحقوق والواجبات ومن حيث ضرورة إتاحة كافة الفرص له للاستفادة من البرامج والخدمات التربوية والتعليمية شأنه شأن أي إنسان عادي.

كما أكد ذلك تقرير اللجنة المشتركة بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونسكو واليونيسيف والبنك الدولي (المؤتمر العالمي المعنى بتوفير التعليم للجميع، نيويورك 1991 ) على حق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في التمتع بفرص متكافئة مع الفرص التي يتمتع بها سائر المواطنين، وبحقهم في الأخذ بنصيب مساو مما يجد من تحسينات في أحوال المعيشة نتيجة للنمو الاقتصادي والاجتماعي.

كما انه يقع على عاتقنا كمدراء لتلك المراكز ان نظهر بمظهر لائق يتماشى مع قناعاتنا وتوجهاتنا لتغيير تلك النظرة فعوضاً عما يعرض في بعض الأجنحة والمعارض ذات العلاقة بالتأهيل فما المانع ان نقدم تلك الاعاقة أو تلك بقالب تسويقي مميز بعيد عن الابتذال واستجداء العطف من الآخرين.

قد يكون الطريق طويلاً كما يذكر ذلك بعض الدارسين الا انه ومن وجهة نظري ان البداية المناسبة لا بد ان تكون منا ذوو العلاقة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أولياء أمور ومختصين ومدراء مراكز فالارتقاء بالنظرة نوع من المثابرة والتضحية والتفاني التي لا بد منها في مسار نهايته التغيير.

تعليقاتكم واستفساراتكم ستؤخذ بعين الاعتبار

Emadi@dubaiautismcenter.ae

المدير العام/عضو مجلس الإدارة ـ مركز دبي للتوحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.