تخطى إلى المحتوى

كفاية الإدارة الصفيّة / د. أكرم جميل قنبس

كفاية إدارة الصف الدراسي ( الإدارة الصفية )

تتوقف كفاءة المعلم وفاعليته في التدريس إلى حد كبير على حسن إدارته لصفه الدراسي بشكل يحفظ النظام والهدوء فيه, إذ إن النظام والهدوء وانضباط الطلاب داخل الصف يُعَدُّ من متطلبات البيئة التعليمية المناسبة , وشرطاً ضرورياً لحدوث التدريس الفعّال. وما يجب التأكيد عليه هنا أن الانضباط المطلوب هو انضباط الطلاب القائم على رغبتهم , وليس الانضباط القائم على العقاب والتهديد. ومما يساعد المعلم على توفير النظام والهدوء داخل الغرفة الصفية توفيرُه للمواقف والأنشطة التعليمية التعلمية التي تدفعهم إلى العمل ومتابعة عملية التعلم.

من أجل ذلك, تشمل الإدارة الصفية قدرة المعلم على تهيئة البيئة التعليمية المناسبة لتعلم الطلاب, وذلك بما يوفره لهم من مواقف وأنشطة تعليمية تعلمية تمكنهم من أداء أدوارهم بكفاءة , فهو يساعدهم على تطوير أساليب فهمهم ويوجه سلوكهم . مما يعني أن الإدارة الصفية بمفهومها التربوي لا تُعنى فقط بضبط المعلم لطلابه وتوجيه البيئة التعليمية الميسرة لتعلم الطلاب والمحفزة على تفاعلهم الإيجابي في عملية التعلم .

مما سبق , يمكن تعريف الإدارة الصفية أو إدارة الصف الدراسي بأنها : قدرة المعلم على توجيه أنشطة طلابه نحو تحقيق الأهداف المنشودة ( نواتج التعلّم ) من خلال تنظيم وتنسيق وتوظيف الجهود المبذولة. كما يمكن تعريف الإدارة الصفية بأنها مجموعة الأنشطة والأفعال التي يستخدمها المعلم في سبيل توفير بيئة تعليمية مناسبة لتعلم طلابه كي تصبح العملية التعليمية فاعلة ومثمرة.

أولاً : أهمية الإدارة الصفية :

ـ إذا كان التعليم يهدف إلى تحقيق الأهداف المنشودة من العملية التعليمية ، فإن الإدارة الصفية تُهيئ المناخ المناسب لممارسة وتنفيذ الأنشطة التي تقود إلى تحقيق تلك الأهداف ( النواتج ) ، فهي عاملٌ ضروري لحدوث التعلم الفاعل ، ولا يمكن أن نتوقع حدوث تعلّم فاعل في صف دراسي تسوده الفوضى .
ـ تُسهم الإدارة الصفية في خلق علاقات طيبة قائمة على الاحترام المتبادل بين المعلم وتلاميذه ، وبين التلاميذ أنفسهم ، مما يُشكّل دافعاً لديهم أو حافزاً للتعلّم ، ويُكسبهم اتجاهات إيجابية نحو الموضوعات التي يدرسونها .

ثانياً : أنماط الإدارة الصفية :
يمكن تصنيف الإدارة الصفية تبعاً لمدى انضباط الطلبة في ثلاثة أنماط , وهي :

1-النمط التسلطي :

وفيه يستخدم المعلم القمع والتسلط والعقوبات والتهديد والانتقام في ضبط الصف وإدارته من أجل المحافظة على النظام والهدوء فيه. ويتميز هذا الأسلوب بما يلي ( يتحقق من خلال ) :
– استبداد المعلم برأيه وعدم تقبله لآراء الطلبة أو السماح لهم بالتعبير عنها.
– فرض المعلم للنظام والهدوء وضبطه لطلبته بالتخويف والتهديد.
– يكون فيه المعلم غير متسامح مع المتعلمين .

2-النمط الفوضوي:
وفيه يترك المعلم الحرية المطلقة لطلبته، فيتصرفون بكامل حريتهم دون ضابط ، مما يؤدي إلى سيادة الفوضى داخل الصف ، وبالتالي إلى عدم وجود النظام والهدوء اللازمين لحدوث عملية التعلم ، وهو معاكس للنمط التسلطي تماماً.

3-النمط الديمقراطي :
وهو نمط يستخدم فيه المعلم الوسطية في تحقيق انضباط الطلبة وتوفير بيئة تتسم بالنظام والهدوء ، وذلك من خلال استخدامه لأساليب متعددة متداخلة متكاملة ، ومنها ما يلي (ميزاته) :
– استحواذ انتباه الطلاب : إن استخدام المعلم لأسلوب الإثارة والتشويق في تدريسه من شأنه أن يجعل التلاميذ في حالة انضباط وهدوء يدفعهم للتعلم دون إجبار.
– تنمية العلاقات الإنسانية : إن إقامة المعلم لعلاقات ودية وطيبة مع التلاميذ والتقرب منهم يؤدي إلى وجود الاحترام المتبادل بينه وبينهم ، وبالتالي تحقيق الإدارة الصفية الناجحة واللازمة للبيئة التعليمية المناسبة منطلقة من العلاقات الإنسانية الطيبة.
– الشخصية الحازمة : إن شخصية المعلم الحازمة ضرورية لإدارة الصف الدراسي ، فثقة المعلم بنفسه وحسن تصرفه وابتعاده عن ردود الأفعال والغضب والكره والانتقام من الطلاب ، كل ذلك يسهم في خلق الشعور بالانضباط الذاتي عند المتعلم .

ثالثاً : دور المعلم في إدارة التعلم الصفي

تعد مهارة إدارة الصف واحدة من أهم المهارات اللازمة لتنفيذ التدريس, وبدون امتلاك المعلم لها لا يكون تدريسه ناجحاً في أغلب الأحيان, لكن كيف يمكن للمعلم زيادة فاعلية الإدارة الصفية؟ ما الأفعال التي يمكن أن تساعد المعلم على رفع كفاءة الإدارة الصفية ؟
إن قيام المعلم بما هو مطلوب منه يساعده كثيراً في إدارته لصفه الدراسي بشكل فاعل ، وبالتالي عليه توفير البيئة التعليمية المناسبة لتعلم التلاميذ، ومن الأدوار (أو المهام) التي يمكن أن يقوم بها المعلم لتحقيق الإدارة الصفية الناجحة ما يلي:

– التدريس : إن مهمة المعلم الأساسية تتمثل بقيامه بمجموعة من المهام التي تؤدي إلى تعلم التلاميذ. وتنحصر مهمة المعلم التدريسية في المهمات التالية : تخطيط التدريس ، وتنفيذ التدريس، وتقويم تعلم التلاميذ.

– تنظيم البيئة الصفية : وتتضمن هذه المهمة كل ما يمكن أن يقوم به المعلم في سبيل توفير غرفة صفية منظمة مرتبه تبعث الراحة في نفوس تلاميذه بما يتناسب مع طبيعة الموضوعات التي يدرسونها ، كتوزيعه المقاعد داخل الغرفة الصفية بشكل مناسب ، وتوزيعه المواد التعليمية ، وترتيبه المثيرات التعليمية التعلمية ووضعها في أماكن مناسبة ، وتوفيره التهوية الجيدة والإضاءة المناسبة.

– الضبط الصفي وحفظ النظام والهدوء : يجب على المعلم أن يكون حازماً بشكل يمنع الأعمال التي تؤدي إلى حدوث الفوضى في الغرفة الصفية ، ويعمل على حفظ النظام والهدوء فيها. ويمكن للمعلم أن يحقق ذلك من خلال مراقبته ومتابعته لكل ما يجري في الغرفة الصفية ، وعدم إهماله لأي سلوك يشجع على إثارة الفوضى أو إعاقة سير الدرس ويتعامل معه بشكل مناسب.
– توفير الجو الاجتماعي الملائم : فعلى المعلم أن يقيم علاقات طيبة مع تلاميذه يسودها الاحترام المتبادل, ويشجعهم على إقامة علاقات مثلها فيما بينهم ، ويكلفهم بأعمال تتطلب منهم التعاون فيما بينهم لزرع الحب الجماعي فيهم.

– التنويع من الأنشطة التعليمية التعلمية : يمكن للمعلم أن يعمل على توجيه أنشطة التلاميذ بما يخدم تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة من خلال تنويعه لتلك الأنشطة من أجل مراعاة الفروق الفردية فيما بينهم ، إذ إن تنويع الأنشطة يلبي قدرات وحاجات أكبر عدد منهم بمستوياتهم المختلفة, وبالتالي زيادة فاعلية الإدارة الصفية.

– خلق التفاعل الصفي : يمكن للمعلم أن يدفع تلاميذه إلى التفاعل الصفي (التفاعل فيما بينهم وتفاعلهم مع معلمهم ، وبالتالي تفاعلهم مع العملية التعليمية ) من خلال إتقانه لمهارات تنفيذ التدريس التي تثير اهتمامهم وتجذب انتباههم ، كطرحه الأسئلة الصفية التي تثير تفكيرهم وتشجعهم على المشاركة الإيجابية وتبعث فيهم الحيوية والنشاط ، وتنويعه المثيرات ، واستخدامه التعزيز بشكل صحيح ، … الخ .

– توجيه تعلم التلاميذ : يتم ذلك من خلال إقحام التلاميذ في العملية التعليمية وإبراز دورهم في تنفيذ الأنشطة التعليمية ، فلا يحصر تنفيذ إجراءات الدرس وأنشطته في أفعاله وأقواله فقط ، بل عليه أن يهتم بتنفيذ تلاميذه لتلك الأنشطة بأنفسهم ، أو إشراكهم بتنفيذها ما أمكن ، وما عليه إلا توجيهها نحو تعلمهم وتحقيقهم للأهداف المنشودة ( النواتج ).

– ملاحظة أداء التلاميذ وتقويمه : على المعلم أن يلاحظ أداء تلاميذه ويقيم تعلمهم باستمرار ، فيكتشف نواحي القوة لديهم ويعززها ، ويكتشف نواحي ضعفهم ويعالجها ، مما يزيد من ثقة التلاميذ بمعلمهم ويدفعهم لمتابعة عملية التعلم ، ويحقق ما نسعى إليه من إدارة صفية ناجحة.

إعداد :
د . أكرم جميل قنبس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.