تخطى إلى المحتوى

قلق الإمتحان

  • بواسطة
يقول الدكتور أحمد الإمام

القلق إحساس شبه مستمر بالتوتر والإنشغال الذهني بأمرما، درجاته متفاوتة بين الأشخاص وذلك بحسب أهمية القرار الذي سيتخذونه أو الموقف الذي يجتازونه وحجم الإنعكاسات على مسرى حياتهم الآنية والمستقبلية.

أصبحت الإختبارات المهنية والإمتحانات المدرسية من أهم المحطات المرحلية في ارتقاء المرء سلم النجاح المجتمعي. قد يكون التوتر الذي يصاحب هذه الظروف في حدود طبيعية ومحفزة للتنشيط الذهني والإنتاج الفعلي وقد يهوي بالمرء في براتن الإضطراب القلقي.

المفروض أن تكون الإمتحانات فترات تحفيز للحيوية والنشاط الذهني والتحصيل المعرفي لدى الطلبة بزيادة قدراتهم الإستيعابية واختبار مهاراتهم في التركيز والإنتباه والتذكر، حيث يصبح الطالب قادرا على الإنجاز والسعي لتطويرآلياته الذهنية باكتشاف طريقته الخاصة في التفكير وحل المسائل واستنباط الحلول بالمقارنة مع مختلف الطرق والوسائل التي تعلمها من مدرسيه وتلك التي استلهمها من زملائه ومنافسيه، وذلك باعتبار هذه الإمتحانات مجرد تمارين واقعية للتدريب على مواجهة الصعوبات بصفة تدرجية حيث يتعلم الطالب سبل الإرتقاء بذاته سنة بعد سنة في نهج بناء شخصيته العلمية والمهنية والمجتمعية.

كثير من الطلبة يعيشون هذه الدوافع الإيجابية ويشعرون بالرضى والرغبة في بناء ذواتهم وتحقيق طموحاتهم، حيث يتمرسون على اجتياز العقبات ويشقون طريقهم بثبات ويقين لتحقيق النجاح. إلا أننا نجد نسبة منهم يبالغون في تضخيم الصعاب ويهولون الإمتحانات ليجعلوا منها عقبة كؤودا، وعائقا ينغص حياتهم حيث تضعف قدراتهم الذهنية ويضمحل تركيزهم وتهتز ثقتهم بذاتهم وتضيق بهم أنفسهم.

قد يصبح التوتر في هذه الحالة قلقا مرضيا يحد من كفاءات الطالب في الإنتباه والتركيز والتذكر بل وقد يخل بسلوكياته العلائقية حيث تكثر انفعالاته العصبية وينتابه الشعور بالضيق والغضب بالإضافة إلى فقدان الشهية واضطرابات النوم كالأرق أي صعوبة النوم، أو النوم المتقطع أو النوم الغير المجدد للحيوية والنشاط؛ حيث يستيقظ مرهقا ومتعبا وكأنه لم يخلد إلى النوم وذلك لأن التوتر يؤدي إلى الإخلال بالنشاط الطبيعي للدماغ أثناء فترات النوم المتعاقبة والتي يتم خلالها تخزين المعلومات وتنظيمها، خاصة أثناء مرحلة النوم العميق فكل خلل يحصل في هذه السيرورة يلحق اضطرابا بعمليات التذكر والتعلم أثناء اليقظة.

غالبا ما تتطورهذه الأعراض المرضية لدى الشخصيات ذات السمة القلقة وهم الأشخاص الذين يضخمون الأمور ويجعلون من كل مهمة سيقومون بأداءها همًّا ذهنيا ووزرا يرهق تفكيرهم، كما أن العادات الخاطئة في التحصيل الدراسي والتكاسل والتقاعس عن إنجاز الواجبات في وقتها يؤدي إلى تراكم الدروس والشعور بضيق الوقت لعدم وضع جدول زمني وتنظيم منهجي عند ابتداء الدراسة، ناهيك عن الأجواء الأسرية المشحونة والإيحاءات السلبية بين الطلبة بسبب الغيرة والمنافسة. كل هذه العوامل قد تتظافر مجتمعة لتوقع المرء في حالات تتفاوت درجاتها من الإرتباك والإضطراب النفسي.

كما أن الآباء قد يزيدون الأمر تعقيدا بإسقاط توترهم وقلقهم على مستقبل أبناءهم فيصبح قلقهم عبئا وضغطا إضافيا، كالقشة التي تقسم ظهر التلميذ والطالب الذي يجد نفسه محاصرا بتوتره النفسي الذاتي وقلق والديه ومنافسة زملائه وأحيانا تخويف أساتذته.

يحتاج الطالب إلى تنظيم أولوياته في مراجعة دروسه، وترتيب وقته بحيث لا يتجاوز الخمسين دقيقة من العمل المتواصل والتركيز الذهني في مادة معينة ثم يرتاح لمدة عشر دقائق ويسترسل من جديد في نفس المادة على أن لا يتجاوز الساعتين والنصف في نفس المادة، ويحبذ أن يغير المادة بعد ذلك وهكذا دواليك. كما أن الأيام الأخيرة قبل الإمتحان يجب أن تخصص لوضع ملخصات جد مركزة على المفاهيم الأساسية لكل مادة وربطها ذهنيا بمختلف التفاصيل والإعتماد على الطرق التحليلية والتصورية الذاتية لاسترجاع كل المعلومات.

ننصح بتفادي المنشطات والمثيرات العصبية كالقهوة، والمواد الكيماوية أو المشروبات التي لن تزيد الجهاز العصبي إلا إرهاقا. كما نحبذ القيام ببعض الرياضات البسيطة والسهلة كالمشي ولو لفترة نصف ساعة يوميا، إذ تساعد على تنشيط الدورة الدموية وضخ كمية مثلى من الأوكسجين للدماغ وتحفز إفراز هرمونات الأوندورفين التي تحسن المزاج وتهدىء الجهاز العصبي.

كما ينبغي تناول أغذية صحية ومتوازنة تحتوي على كل العناصر الضرورية لتقوية الذاكرة ومقاومة الجهد الذهني كالأحماض الدهنية الأساسية )أوميجا3 (نظرا لكونها تضمن صحة أغشية المخ وتتواجد في زيت أسماك المياه الباردة كالسلمون،التونة،الرنجة والسردين؛ والدهون غير المشبعة وتتواجد في زيت الزيتون، زيت السمسم، الصويا، والبيض؛ وكذا الفيتامينات وخصوصا تلك من نوع ب ،ج وه، لكونها تحفظ سلامة الأعصاب وتقي من القلق وتنشط المناعة وتتواجد في الخضراوات والفواكه. إضافة إلى المعادن من حديد وبوتاسيوم وخصوصا المغنيزيوم الذي يعتبر مهدئا عصبيا، فنقصه قد يؤدي إلى العصبية مع اضطراب في النوم وهو متواجد خاصة في المكسرات، الموز والسبانخ؛ وكذلك الأحماض الأمينية ومن أهمها التريبتوفان والتيروسين المتواجدة في الجبن، الأرز الكامل، الفاصوليا والأفوكادو وغيرها.

حري بالإنسان الإقبال على الحياة بمنطق واقعي والإستفادة من تفاعله مع كل مكونات تجاربه، واعتبارالإمتحانات وسيلة ليكتشف مهاراته، ويسبر حدود طاقاته ويسعى جاهدا لرفع سقف هذه الحدود وتوسعة آفاق قدراته إلى أن يصل إلى أقصى مستوى كفاءاته، فيرضى بحقيقته ويجتهد لتحقيق ذاته وتصبح نظرته لكل اختبار خبرة مفيدة له في نهج ارتقاءه وتنمية مداركه.

للمزيد من المواضيع

www.psycho.ae

يسلم اخووي **بو أمل **

ع الطرح المفيد

جزاك الله كل خير

والله ينجح الجميع

تقبل مروري البسيط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.