تخطى إلى المحتوى

طلب تقرير عن الحضاره

السلام عليكم
لو سمحتوو ابا تقرير عن الحضاره ضروري
انا بعد ابا
بليز
ياسر جاسم قاسم… الحضارة الانسانية وقدرتها على اختراق التاريخ
التاريخ: Thursday, April 20
الموضوع: مقالات

الحضارة هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته سواء أكان المجهود المبذول للوصول إلى تلك الثمرة مقصوداً أم غير مقصود وسواء أكانت الثمرة مادية أم معنوية ( دراسة في أصول وعوامل قيام الحضارة وتطورها د. حسين مؤنس)

وهذا المفهوم للحضارة مرتبط أشد الارتباط بالتاريخ لأن التاريخ هو الزمن والثمرات الحضارية تحتاج إلى زمن لكي تزدهر ولا تتبين القيمة الحقيقية لأي ثمرة حضارية إلا إذا جربها الإنسان في الاستعمال مرة بعد أخرى وعرف فائدتها وتعلم كيف يصنعها كما أراد وهذا يحتاج إلى وقت أي زمن وتاريخ ولا بد أن يتكاثر صنع الشيء ويتراكم حتى يكون له أثر في حياة الإنسان ويصبح جزءاً من هذه الحياة ومن المؤكد عند العلماء أن كل اكتشاف من الاكتشافات المبكرة التي كونت الخطوات الأولى في المسيرة الحضارية اكتشفت وأهملت أو نسيت أكثر من مرة في نفس الجماعة حتى اتضحت قيمتها العملية فحمل الناس على الإكثار منها واستعمالها ومع الإكثار بتحسين النوع وزادت الكمية أن الأسس الحضارية هي أسس الأزدهار بشرط التنوير أي أن الأساس الحضاري هو أساس مرن قابل للتبادل والتوافق والتحاور وصنع الأساس إنما يعتمد على الأسس التنويرية التي ارتبطت بمفاهيم الحضارات وأصبحت أداة من أدوات الحياة اليومية وهذا هو ما يسمى بالقيمة التراكمية.

(Cumulative value) وهذا أيضاً يحتاج إلى زمن وتاريخ وقد وجد تاريخياً ما يثبت وجود وأسس الحضارات التي قامت والتي يجب معرفة ماهياتها فقد وجدت أقراص الخبز في قبور الفراعنة فهذا حتماً يتبين أن وراء هذه الأقراص تاريخ طويل فمن هذه الحضارات استلهمنا أنهم يعرفون القيمة الغذائية لسنابل القمح في حين أن بعض القبائل كانت تأخذ القمح على شاكلته وتأكله ولا تعرف كيفية تحويله إلى القيم الغذائية الخالصة وما هذا إلا مثل بسيط على أسس الحضارة القديمة وهنا ومرة أخرى تتجلى لنا الصلة بين الحضارة والتاريخ والحضارة والتاريخ مرتبطان أحدهما بالآخر أشد الارتباط ولا يستطيع الإنسان أن يتحدث عن الحضارة حديثاً معقولاً إلا إذا عرف ماهية التاريخ معرفة معقولة.

ونشير هنا إلى مقولة أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الذي أيد هذا الرأي في كتابه المسمى ( مراتب العلوم )) كذلك نستدل من هذا الارتباط أن للعقل وجوداً محورياً مهماً فهو الذي يصنع الحضارة وبمزيات تتراتب وتقدم الزمن وعندما يذكر العقل يزيد به النشاط الذي يقوم به عضو في كيان الإنسان وهو المخ وهناك فرق بين المخ والعقل فالمخ عضو يشترك فيه الإنسان مع بقية الحيوانات والطيور ولكن مخ الإنسان أكبر من المخ عند غيره من الحيوان وأكثر تعقيداً وخلاياه أكثر تنوعاً وقد احتاج الإنسان إلى عشرات الألوف من السنين لينصقل ذهنه وثم صف ملكاته ويصبح قادراً على عقل الأشياء أي ربطها بعضها ببعض وملاحظة الأشياء والظواهر واختزان نتائج هذه الملاحظات.

وعندما تنبه الإنسان إلى أن له عقلاً أي قدرة ادراك الأشياء وفهمها والربط بين الظواهر بعضها ببعض خطا الخطوة الأولى في طريق الحضارة ومن هنا يقول بعض العلماء أن العقل نفسه أول مخترعات الإنسان ولنذكر أن اللفظ العربي (عقل) بمعنى القدرة على عقل الأشياء أي القبض والسيطرة عليها أدل على مفهوم العقل من اللفظة الإنكليزية وهي mind وأصلها هو جعل to mind ومعناه الأول يتذكر وهي قدرة واحدة من قدرات العقل ولفظ reason ومعناه الدقيق السبب ثم فرعوا عليه المعاني الأخرى التي تتصل بالعقل وكذلك يقال عن لفظها raison & esprit الفرنسيين ولفظي vernunft و geist الألمانيين وهذا ما ذكره الدكتور حسين مؤنس في تحليله للفظ (عقل) ومن الواضح أن قدرة الذهن على (العقل) أو عقل الأشياء كانت قليلة أول الأمر ثم ازدادت القدرة مع الاستعمال لأن للذهن عضلات تقوى وتتعدد قدراتها واستعمالاتها بالاستعمال والمران شأنه في ذلك شأن الذراع واليد.

وعندما ترى طفلاً يحاول استخدام كفه أو أصابعه في إمساك الأشياء والتصرف فيها فأعلم أن ذهنه أيضاً يقوم بعمله على هذا النحو من الضعف وقلة الضبط والإحكام ومع الزمن تقوى اليد إذ نستنتج أن أسس الحضارة إنما تدرج في طرف التفكير باعتبار أن التفكير هو جزء من العقلانية التي يمتاز بها عضو البشر والتفكير هو استخدام الذهن استخداماً منظماً وهو عملية حضارية احتاجت إلى زمن طويل حتى أصبح هذا التفكير عنصراً أساسياً وفعالاً في توجيه أعمال الإنسان وصنع الحضارة.

والعملية ما زالت مستمرة ولذلك فإن البشر الذين تخلو عن عقولهم من أساليب التفكير ما زالوا يعيشون في أوهامهم وحواضرهم التي ابتنوها لأنفسهم وبالتالي فهم غير قادرين على استلهام أي أساس حضاري يبنونه لأنفسهم أو يشيدونه لدولهم فلا تزال هناك قبائل في استراليا وغينيا وغابات أفريقيا وغابات الأمازون لا يدخل العقل أو التفكير في تصرفاتها أفراداً وجماعات إلا بقدر محدود جداً وما زالت أعمالها ردود أفعال غريزية لا أفعالاً معقولة وليس معنى ذلك أنها غير متحضرة أو عارية عن الحضارة أصلاً بل معناه أنها متحضرة بالقدر الذي يستطيع أن تستخدم به أذهانها ومن الخطأ أن نقول بأن هناك جماعات بشرية متحضرة وأخرى وحشية أو همجية فليست هناك جماعات كاملة التحضر وكذلك لا توجد جماعات إنسانية على الفطرة تماماً فلكل جماعة حضاراتها والفرق في المستوى.

إلى هنا نكون قد تبينا عنصرين أساسيين من عناصر صنع الحضارة وهما الزمن أو التاريخ وبالعقل أو التفكير ويبقى العنصر الأساسي الذي صنع الحضارة ألا وهو الإنسان فعمره على هذا الكوكب أي عنصر الزمن وبمزايا التفكير التي لديه استطاع أن يمتشق أساليباً حضارية غاية في الدقة واستعملت بشكل أساسي لقيام الحضارات فعمر الإنسان على هذا الكوكب كما يقول آرنولد توينبي (( أقدم آثار للإنسان عثرنا عليها ترجع إلى ثلاثمائة ألف سنة ولكن أكمل الهياكل العظيمة الكاملة التي وجدناها يرجع إلى تسع وأربعين ألف سنة أي في الوقت الذي وصل فيه العصر الثلجي الأخير في ذروته وهذا حسب تعبير آرنولد أن تكون الحضارة أساساً هو بالقدرات التي تتمتع بها الإنسان فالتفكير أكثرها بنياناً للحضارات ولكن قدرات الإنسان الجسمانية أيضاً ساعدت على تكون الحضارات حيث أشاد حضاراته وأسسها بتعبيراته البدنية وقرته على البناء والعطاء )) .

تبقى مسألة مناقشة الأسس الحضارية مسألة مهمة فلقد ورثت البشرية حضارات كثيرة ولكن بنبعي الإشارة إليها بنوع من النقد البناء حيث أن نستلهم الماضي بأسس التنوير الحاضرة لا أن نأخذ الأساليب التي وردت على عواهنها فالخط الفكري مهم جداً وهو أسلوب من أساليب مناقشة الحضارات فهو أسلوب لكل تحرك حضاري في الأثر البعيد المدى وعلى سبيل المثال الخط الفكري الذي كان ( لهربرت سبنسر 1820 –1953) وهو من الجيل الذي خلف ميل الفلاسفة من أهل عصر الأنوار وتمكنوا من مواصلة آرائهم والسير بها بالطريق الذي رسمه لها أصحابها وكان سبنسر من أتباع داروين فيما يتصل بالعلوم الطبيعية وهو الذي نقل أفكاره في النشوء والارتقاء من ميدان العلوم الطبيعية إلا ميدان الاجتماع أي أنه أول من حاول تطبيقه على الجماعة البشرية.

وكان يقول: إن التقدم لا يتمثل في المزيد من الثروات أو المزيد من العلم والوصول إلى مستوى أخلاقي رفيع فهذه كلها ظواهر أو أعراض أما التقدم فهو التغير في البناء الداخلي للمجتمع ويتجلى ذلك باتساع نطاق تقسيم العمل بين أفراد الجماعة وقال: إن التحول الحضاري لا يتم على يد بطل أو ملك ولكنه يتم بما سماه الحكمة الجماعية ويتحول الناس إلى منتجين وموزعين كبار وصغار وكان سبنسر لا يؤمن بأهمية الإنسان الفرد في التاريخ وذلك لإيمانه بأن العمل الصالح ايجابي لا يمكن أن يكون إلا جماعي ومن أقواله في ذلك (( إن أولئك الذين يرون أن تاريخ الجماعة الإنسانية هو تاريخ عظمائها ويحسبون أن أولئك العظماء يحددون أقدار جماعاتهم ينسون أن هؤلاء الرجال أنفسهم هم من صنع جماعاتهم إن الجماعات تنمو ولا تصنع))

وكان سبنسر ومثله في ذلك مثل أوجست كومت يرى أن الكون يسير وفق قوانين من بينها قوانين اجتماعية تحكم تطور المجتمع وعمله وكان يرى أن تطور النظم السياسية والاجتماعية ينبغي أن يصل بالإنسان إلى درجة تتلاشى معه الحكومة إذ لا يصبح هناك دور لها فالناس ينظمون أمورهم بالاحساس وحسن التقدير وسلامة الحس والذكاء وهذه الفكرة الأخيرة تناولها كارل ماركس وتوسع فيها وجعل من تلاشي الحكومات نتيجة طبيعية لرقي الإنسان والجماعات.

وأنا في اعتقادي أن هذه الفكرة الحضارية المهمة لهي غاية الصعوبة في التطبيق وذلك لأن تلاشي الحكومات معناه تحضر الإنسان إلى أبعد الحدود العقلانية ورقيه فوق القوانين المجتمعة المهمة وهذا مما يصعب تحقيقه على مدى حياة البشرية والعودة إلى سبنسر وهو ممن تأثروا تأثيراً عميقاً بداروين وكان يرى أن البقاء للأصلح وأنه يراد به فيما يتصل بالإنسان اجتهاد الفرد في أن يطابق بين نفسه وجماعته أي يسعى لتكييف نفسه ليستطيع البقاء فيها والإسهام في نشاطها البناء وينتج عن هذا تقدم الإنسان والجماعة معاً وكان يرى كذلك أن رخاء حياة الإنسان يتحقق بإرادة الله وإن الهدف الأخير من الخلق هو وصول المخلوق إلى أعظم قدر من السعادة أي إلى أعظم قدر من التحضر لأن التحضر هو السبب الأساسي والرئيس لمفاهيم السعادة وكان يعتقد كذلك بأن الإنسان ينبغي أن يصل إلى درجة الكمال وهذا مما يصعب تحقيقه وبالغاية المطلقة ولكن هذه الأفكار التي طرحها سبنسر إنما هي نتيجة تأثره بالنظام السياسي والاقتصادي الانكليزي أي أنه في الحقيقة كان يفكر على أساس رأسمالي.

وفي اعتقاده أن هذا النظام بقي وسيبقى لأنه أصلح من غيره ولقد راقت هذه الأفكار له ولمفكري عصره فسبنسر ورجال آخرين من عصر الأنوار والقرن التاسع عشر من بعده جعلوا فكرة التقدم أشبه بالقانون الذي يسير التاريخ وقضوا على نظرية الدورة المغلقة وبجهدهم هذا تمكن أولئك الرجال من إخراج أهل الغرب من الطريق المسدود وفتح الأبواب واسعة بمسيرة التاريخ. والمراد بمسيرة التاريخ هنا هو تقدم الحضارة لأن الإنسان لا يتقدم أو يتحسن في خلقه ولكنه يتقدم ويتحسن في خلقه ومستواه الحضاري وقدراته على العمل المثمر والإنتاج الذي يعود عليه وعلى جماعته بالخير وكان لا بد من هذه الوقفة التي وقفناها هنا حتى نرى كيف تفتحت سبل الرقي والتطور أمام الحضارة الإنسانية عن طريق أولئك المفكرين الذين توصلوا بالتفكير المنطقي الهادئ إلى مفتاح التقدم وهو العلم العملي الذي يخدم معايش الناس ويتيح لهم نصيباً أكثر من الراحة والرخاء والأمن ولولا هؤلاء لظلت الحضارة تتعثر في سيرها كما كان الحال في الماضي.

نعم كان هناك تقدم وخروج من الطريق المسدود الذي وقعت فيه الإنسانية قروناً طويلة أثناء العصور الوسطى ولكن هذا التقدم كان يسير من غير خطة أو غاية محدودة بل غير محسوس بالنسبة إلى من عاشوا في تلك العصور فجاء أولئك المفكرون وقرروا في أذهان الناس أن التقدم ضرورة وأن الحياة لا تجري عبثاً بل تسير على قوانين حقاً إنهم لم يصلوا ولا وصلنا نحن إلى قوانين تحكم تصرف البشر بشكل أكثر دقة وحزم ولكن التفكير في ذلك الأمر في ذاته أمر مهم ولم يحدث في تاريخ الغرب الأوربي إن اندفعت الحضارة إلى الأمام بتأثير المفكرين والعلماء بالمقدار الذي حصل في هذا العصر واعتقد إننا أطلعنا القارئ بهذه النظرة العجلى إلى سبيل الحضارة كيف أن الفكر الحر هو أساس التقدم الحضاري كله.

وشيء آخر ننبه له هنا وهو أن أولئك الرجال كانوا معنيين بالمستقبل والسؤال الذي كان يتردد في أذهانهم هو ماذا نعمل لكي يكون مستقبل الحضارة الإنسانية خيراً من حاضرها وأمسها وهذا شيء جديد جداً في التفكير الفلسفي التاريخي والحضاري ويصطلح عليه بعلم استشراف المستقبل فإلى ذلك الحين كان الناس يرون أن المستقبل هو الحياة الأخرى بعد الموت ولم يذكروا قط أن للحياة مستقبلاً على هذه الأرض قبل الموت وأن هذا المستقبل ينبغي أن يكون أفضل من الحاضر والماضي معاً ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر سارت الحضارة المادية في الغرب شوطاً جعل أهلها يشعرون بأنهم بلغوا قمة التقدم وأنهم شادوا حضارة فاقت كل ما عرفه هذا الكوكب والحق أن الإنسان عندما يتصور أوربا في بدايات النصف الثاني من القرن التسع عشر يدرك لماذا فكر أولئك الناس على هذا النحو ويلتمس العذر لهم فيه.

فقد قطعوا أشواطاً مهمة على المستوى التكنولوجي والعلمي والفني والتنويري الثقافي وهكذا أصبحت فكرة التقدم في أواخر القرن التاسع عشر أساسية بالنسبة للمؤرخ ولم يعد معظم المؤرخين يقولون بالحركة الرجوعية السلفية للتاريخ أو بالحركة الدائرية له وإنما بالخط المستقيم الصاعد من حسن إلى أحسن دائماً ولم يخل الأمر من مؤرخين كبار ظلوا يتمسكون بالحركة الدائرية للتاريخ ومن هؤلاء اوزفالد شبنجلرالذي طبق نظرية أعمار الأمم والحضارات وشيخوختها ثم موتها في كتابه ( تدهور الغرب أو غروب شمسه ، 1918 – 1922) الذي قال فيه أن حضارة الغرب ققد جاوزت مرحلة الشباب والقوة ودخلت في مرحلة التدهور والشيخوخة وأنا أقول أنه يقصد أن يستلهم الإنسان مرحلة ما بعد الحداثة ومنهاجها كي يستطيع أن يعبر عن مستقبله برؤى واضحة مستلهمة بمناهج بنيوية تعتمد الحاضر دليلاً واضحا عليه إن مفاهيم الأنسنة والاهتمام بإنسانية البشر لهو دليل واضح على تقدم الأمم وتطورها فأثر الشخصية الإنسانية مهم جداً في اعتناء مسيرة الحضارات إلى جانب التاريخ والزمن على امتدادهما الحضاري الواسع.

مصادر الحضارة

إن الكتابة أهم وسيلة لحضارة الإنسان ، وحيثما وجدت الحضارة وجدت القراءة والكتابة ، وأصبحت اللغة المكتوبة وسيلة الحضارة والعلم والتربية ، فالكتابة تعطي المعرفة البشرية صفة الدوام ، والبراهين عن حضارة الإنسان القديم قليلة حتى نصل إلى عصر الكتاب ، ووضع الوثائق المكتوبة ، ولهذا السبب احترم القدماء الكتابة ، ونسبها المصريون القدماء إلى الإله توت Thoth ، فهو – في رأيهم – مخترع وسائل الثقافة جميعها ، وفي بابل كان الإله نبو (Nebo) بن مردوخ إله الكتابة ، والصينيون القدماء ، والهنود وغيرهم ، اعتقدوا بأصل إلهي للكتابة ، والأساطير اليونانية نسبتها إلى هرمس.

وبوجه الإجمال كان للكتابة مفعول سحري على الناس ، فاختراع الكتابة أهم من اللغة ، لأن اللغة ليست اختراعاً بشرياً كالكتابة ، وإنما هي ميزة بشرية.

الكتابة: وسيلة لنقل الكلام ، تسجل أصواتاً آتية من الفم ، أو فكراً آتية من الدماغ ، برموز منظورة على الورق ، أو الحجر ، أو الخشب ، أو غيرها.

ومن الصعب تحديد دقيق لوقت معين لبدء الكتابة ، ولكن لا برهان على وجود كتابة منظمة قبل منتصف الألف الرابع قبل الميلاد ، وكانت كتابة تصويرية Pictography ، حيث الصورة تمثل الشيء الذي يراد ذكره ، فالدائرة تمثل الشمس ، وصورة الحيوان تدل عليه.

ثم جاءت الكتابة الفكرية (أو الرمزية) Ideographic ، وهي أرقى من التصويرية ، لأنها تصور الأفكار التي يراد نقلها من شخص إلى آخر ، فالدائرة لا تمثل الشمس فقط ، بل تمثل النهار ، أو النور ، والحيوان لا يمثل بصورة الحيوان وإنما برأسه فقط ، وفكرة الذهاب تمثل بقدمين ، أو بخطين يمثلان قدميه ، والرموز المستعملة هنا تسمى صوراً فكرية Ideographic ، ويمكن قراءة الرموز في أية لغة في هاتين المرحلتين – التصويرية والفكرية ، إذ لا علاقة بين الرمز وبين اسم الشيء الذي يمثله.

ثم جاءت مرحلة الكتابة ذات المقاطع ، وهي صوتية ، بمعنى أن كل رمز أو صورة لها صوت في اللغة الخاصة التي تكتب بها ، والرموز التي لها أصوات معينة ، يمكن جمعها بأشكال مختلفة لإخراج كلمات وفكر مختلفة ، وهي لا تمثل الأشياء والفكر فقط ، وإنما الأصوات ، وتصبح الكتابة صوتية تماماً عندما تصبح الأشكال المكتوبة ثانوية بالنسبة للكلمات التي تلفظ ، وتفقد تلك الأشكال مدلولها الأصلي حينما تجتمع لتشكيل كلمة أو فكرة جديدة ، بمعنى أنها تصبح قسماً أو مقطعاً من كلمة ، فكلمة (درفيل) مثلاً ، مكونة من مقطعين (در) و (فيل) ، ولكل منهما معناه ورمزه ، فإذا اجتمعا لتكوين كلمة واحدة يفقد عند ذلك المقطعان مدلولهما الأصلي، ويصبح كل منهما صوتاً أو مقطعاً في كلمة جديدة.

أما الكتابة الأبجدية ، وهي أرقى أنواع الكتابة وأنسبها وأسهلها ، فهي آخر المراحل في تطور الكتابة ، وفيها توجد حروف تمثل أصواتاً مفردة ، لا مقاطع وفكراً ، والأبجدية التي اكتشفت في سيناء ، وأبجدية رأس شمرا (أوغاريت) ، هما أقدم الأبجديات في العالم ، وترقى أبجدية رأس شمرا إلى القرن الرابع عشر الميلاد، ومنها اقتبست الأبجديات التي تستعملها معظم شعوب العالم في أيامنا هذه.

ويعد اختراع الأبجدية بالنسبة للبشرية موازياً لأهمية اختراع المطبعة ، بعد ثلاثة آلاف سنة ، إن لم أكثر أهمية.

يقول الجاحظ : ( لولا الكتب المدونة ، والأخبار المخلدة ، والحكم المخطوطة التي تحصّن الحساب وغير الحساب ، لبطل أكثر العلم ، ولغلب سلطان النسيان سلطان الذكر ، ولما كان للناس مفزع إلى موضع استذكار ، ولو تم ذلك لحرمنا أكثر النفع)، ويقول : ( وليس في الأرض أمة بها طِرق – قوة – أو لها مُسكة ، ولا جيل لهم قبض وبسط ، إلا ولهم خط).

والوثائق المكتوبة ، وهي تجمع السجلات الصكوك والمراسلات .. مع الآثار المادية كالأبنية والبقايا الفنية ، والأواني ، والأدوات ، والأسلحة ، هي مصادر الحضارة.

ويزداد شأن الآثار في التاريخ كلما أوغلنا رجوعاً في الزمن ، لتصبح في بعض الأحوال ، وفي العصور القديمة خاصة ، مصادر التاريخ الوحيدة ، فالشعوب كلها بدافع من العقائد الدينية في الغالب ، أو من رغبات الملوك ، أو من الحاجات الحياتية الأخرى ، تركت آثارها على الأرض التي عرفتها ، وعلى هذه الآثار نبني معارفاً عن الحضارات القديمة.

والكتابات الأثرية هي وثائق العصور القديمة ، فمعظم الحضارات السالفة سجلت على آثارها ما تريد قوله بكتابات شتى ، فحين حل شمبليون (Jean – Francois champolion) رموز الهيروغليفية ، أضاف إلى التاريخ ثلاثة آلاف سنة ، والكتابات التي استعصت على الحل – مثل كتابة كريت – ما تزال تحتفظ بأسرار التاريخ.

وهكذا عصور ما قبل التاريخ وحتى سنة 3200 ق.م حيث اختراع الكتابة في مصر، فإن مصادرنا عن الحضارة هي الأدوات ، والبقايا المادية فقط ، لعدم وجود كتابة ، ومن هنا تظهر أهمية علم الآثار ، والحفريات الأثرية التي أصبحت اليوم تستهدف الفوائد العلمية ، والاستنتاجات التاريخية ، وليس مجرد البحث عن العاديات – المكتشفات الأثرية – ، إذ العاديات لم تعد غاية في ذاتها ، وإنما وسيلة لمعرفة الحضارات وتطورها.

فالكتابة تروي لنا التاريخ السياسي والعسكري ، والحياة الاجتماعية والفكرية ، والاقتصادية والدينية ، وهذا ما كان بعد اكتشاف مكتبة إيبلا – تقع إيبلا جنوبي حلب ، قامت في الألف الثالث قبل الميلاد-.

ومع هذا كله ، يستفيد التاريخ اليوم من كشوف الانتروبولوجيا ، وعلم الاجتماع ، واللغويات وعلوم الاقتصاد والإحصاء والتقاليد والطب وغيرها من العلوم ، إن التاريخ يحاول بذلك ، كله أن يحتضن الإنسان بكل أبعاده ، شريطة أن يعرف المؤرخ كيف يستنطق تلك الوسائل ، وهذه العلوم.

سلمتييييييي اختي
بس ابا المراجع اذا ممكن
مشكور وايد بس لوفي مراع بعد كان احسن
مشكوووووووورة سلمت يداكي

تسلمين يالغلا ما تقصرين
تسلمين الغاليه
ربي يعطييج الف عاافيية عالتقرير الراائع

مشكورة لا عدمناج

مشكوووووووووووووووووووورFF99330000CC
مشكورين وما قصرتووو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.