البتاني
المقدمة:
يعد العالم العربي ابن عبد الله بن سنان بن جابر الحراني المعروف (بالبتاني) من عباقرة علم الفلك وعلمي الجبر وحساب المثلثات في العالم ويعد من الذين اسدوا خدمات جليلة لتطور العلوم الرياضية عبر التاريخ البشري.
ولد (البتاني) في (بتان) من نواحي حران الواقعة على احد روافد نهر الفرات ويرجح المؤرخون انه ولد سنة 244هـ/ 858م درس في البداية على يد والده جابر البتاني الذي كان بدوره عالما مشهورا ثم انتقل الى (الرقة) وكني باسمها اذ انكب على دراسة مؤلفات من سبقوه وخاصة مؤلفات بطليموس ثم انتقل الى ميدان البحث في الفلك والمثلثات والجبر والهندسة والجغرافيا وقد عاش حياته العلمية متنقلا بين الرقة وانطاكيا في سوريا وبها انشأ مرصداً يحمل اسمه (مرصد البتاني).
اشتهر برصده للكواكب والاجرام السماوية بالرغم من بدائية الالات التي استعملها فقد توصل لنتائج مذهلة مازالت محط اعجاب العلماء ودهشتهم وبقيت جداوله الرياضية وبراهينه الهندسية من اهم المراجع حتى بداية القرن الثامن عشر
أهم كتبه :
كتاب زيج الصابى، ترجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، ودرس في الجامعات الأوربية حتى القرن الخامس عشر الميلادي. يضم الكتاب الموضوعات التالية:
تقسيم دائرة الفلك وضرب الأجزاء بعضها في بعض وتجذيرها وقسمتها بعضها على بعض، معرفة أقدار أوتار أجزاء الدائرة، مقدار ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار وتجزئة هذا الميل، معرفة أقدار ما يطلع من فلك معدل النهار، معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك، معرفة أوقات تحاويل السنين الكائنة عند عودة الشمس إلى الموضع الذي كانت فيه أصلاً، معرفة حركات سائر الكواكب بالرصد ورسم مواضع ما يحتاج إليه منها في الجداول في الطول والعرض. للبتاني مؤلفات عديدة هامة في الفلك والدراسات الفلكية والنجوم والحساب ويعد من طليعة الفلكيون المسلمون المبدعون.
من خلال هذه العجالة السريعة نستطيع القول بأنّ البتاني علمٌ من أعلام الحضارة العربية الإسلامية الذين قدَّموا للبشرية نتاج عبقريتهم التي لا تقدَّر بثمن، والعالمة الألمانية "هونكه" من العلماء الذين قدَّروا مساهمات العلماء العرب في مسيرة الحضارة الإنسانية، وتقول بهذا الخصوص: "إنَّ الغرب بالتأكيد أخذ عن العرب أسس علم الفلك، وما يؤكد هذا الكلام الاستمرار باستعمال أسماء النجوم كما سمَّاها العرب وكذلك وجود أكثر من 160 مصطلحاً فلكياً باللغة العربية يستعملها الغربيون في علم الهيئة اليوم، نذكر منها: الثور (Altaur)، الجدي (Algedi)، الذنب ( Denab )، آخر النهر (Acarnar)، الفرقدان (Farcadin)، قلب الأسد (Kalbehsit )، قلب العقرب (Kalbolacrab)، الكوكب (Kochab)، رأس الجوزاء (Rasalgeuse)، المركب (Markab)، التنين (Etanin )، الخابور (Alchabor)، الدبة (Dubhe)، الطائر (Altair)، الفرس (Alpherath)، الغراب (Algorab)، الكور (Alkor)، فم الحوت (Famlhaut)، الواقع (Wega)، بطن الحوت (Baten-Kaitos)، رأس الغول (Algol).
التاريخ يؤكد بأن البتاني من الذين ساهموا في وضع أسس علم المثلثات الحديثة وعملوا على توسيع فهمها، ولا شك أن إيجاده لقيم الزوايا بطرق جبرية يبرهن على خصوبة قريحته، وعلى فهمه الواسع لبحوث الهندسة والجبر والمثلثات فهماً أنتج تلك الإبداعات العظيمة، والبتاني من أهم علماء العرب الذين طوروا علم الفلك ونقلوه من علم ممزوج بالخرافة والأوهام إلى علم يستخدم المنهج العلمي في سبيل تحقيق غرضه.
المصدر : كتاب الزيج الصابي .
المؤلف : البتاني
تصنيف الكتاب : من كتب علم الفلك .
منهجه العلمي :
تتضح منهجية البتاني من خلال اقواله وماذكر في مؤلفاته عن طريقة عمله وتفكيره، لذا عد البتاني علم الفلك من العلوم الاساسية المفيدة، اذ يمكن بواسطته ان يعرف الانسان اشياء مهمة يحتاج الى معرفتها واستغلالها بما يعود عليه بالنفع والفائدة وان اهم مقومات التقدم في علم الفلك هو التبحر في نظرياته ونقدها وجمع الارصاد الوفيرة والعمل على اتقان تلك الارصاد ذلك ان الحركات السماوية لا تحاط بها معرفة مستقصاة حقيقية الا بتمادي العصور والتدقيق في الرصد .
الإنجازات الفلكية ومعادلة الزمن :
اصلح البتاني قيمة الاعتدالين الصيفي والشتوي وذلك حدد قيمة ميلان فلك البروج على فلك معدل النهار اي (ميل محور دوران الارض حول نفسها على مستوى سباحتها حول الشمس) ووجد انه يساوي 23 درجة و35 دقيقة وتبين حديثا انه اصاب في رصده الى حد دقيقة واحدة وكذلك طول السنة الشمسية فكانت نتائجه 365 يوما و5 ساعات و46 دقيقة و24 ثانية واخطأ بالنسبة للحسابات الحديثة بدقيقتين و22 ثانية فقط وقد حقق البتاني مواقع كثيرة من النجوم وصحح بعض حركات القمر والكواكب السيارة وخالف بطليموس بثبات الاوج الشمسي واقام الدليل على تبعيته لحركة المبادرة الاعتدالية واستنتج من ذلك ان معادلة الزمن تتغير ببطء شديد على مر الاجيال واثبت على عكس ما ذهب اليه بطليموس بتغير القطر الزاوي الظاهري للشمس واحتمال حدوث الكسوف الحلقي واحوال خسوف القمر ويعترف (نيللو) بان البتاني استنبط نظرية جديدة تشف عن كثير من الحذق وسعة الحيلة لبيان الاحوال التي يرى فيها القمر عند ولادته وقد اعتمد (دنثورن) سنة (1794) بتحديد تسارع القمر في حركته خلال قرن من الزمن على نتائج ارصاد البتاني في الكسوف والخسوف (التي اجراها في الرقة وانطاكية).
قال فيه العلماء :
ويعد البتاني اول من ادخل مصطلح (الجيب) والعارفون بعلم المثلثات يدركون جيدا اهمية الانجاز ويرون فيه ابتكارا ساهم كثيرا في فهم علم المثلثات تقول العالمة الالمانية (زيغريد هونكه) في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب، ان مصطلح الجيب قد دخل الى رياضيات كل شعوب العالم بعد ترجمة كتاب البتاني وهو من اوجد مصطلح جيب التمام وهو من استخدم الخطوط المماسة للاقواس وظلال التمام والقواطع وقواطع التمام وادخلها في حساب الارباع الشمسية وفي قياس الزوايا والمثلثات كما اوجد العلاقات فيما بينها ونظم جداول مهمة بهذه العلاقات
والبتاني هو من استنبط القانون الاساسي لاستخراج مساحة المثلثات الكروية واستطاعت عبقرية هذا العالم ان تحل بعض العمليات الحسابية وبعض النظريات بطرق جبرية وليست بطرق هندسية كما كان يحلها من سبقه من العلماء العرب واليونانيين مثل تعيين قيم الزوايا بطرق جبرية، كان هذا ابتكاراً اضيف الى الكثير من الاضافات التي ادخلها العرب في علم المثلثات واليهم يعود تأسيس هذا العلم المهم وقد اجمع علماء الغرب على ان البتاني كان في علمه اسمى مكانة من الفلكي الاغريقي بطليموس. وقال فيه الفلكي الفرنسي (لالاند) ان البتاني من الفلكيين العشرين الائمة الذين ظهروا في العالم كله واعتبره كل من (كاخوري وهاليه) من اعظم علماء الرصد وسماه بعض الباحثين (بطليموس العرب) وفيه قال (جورج سارتون) انه من اعظم علماء عصره وانبغ علماء العرب في الفلك والرياضيات
المصدر : مؤلفات بطليموس العرب .
الخاتمة :
وتوفي البتاني العام (317هـ/929م) قرب مدينة الموصل في العراق رحمه الله
وخلاصة القول ان البتاني من عباقرة العالم الذين وضعوا نظريات مهمة واسهموا في اغناء التراث العلمي للانسانية باضافة ابحاث جديدة في الفلك والجبر والمثلثات، فقد اشتهر برصد الكواكب والاجرام السماوية وتمكن من القيام بارصاد مازالت تحظى باهتمام العلماء وتثير اعجابهم .