الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين Deoxyribonuclic acid ( DNA ) مادة الجينات ، هو أشهر جزيء في وقتنا الحاضر . ولقد أهمل علماء الأحياء هذا الجزيء بعد اكتشافه نحو قرن ، لأنه بسيط جدً ، وشكله منتظم ، ولا يبدو أنه يخدم أغراض مهمة ، ونعرف اليوم أن هذا الجزيء الكبير في حجمه البسيط في مكوناته هو مادة الوراثة ، وأن عوامل مندل الوراثية وجينات مورجان على الكروموسومات مكونه من حمض DNA .
مواصفات المادة الوراثية :
هناك شروط لابد من توافرها في الجزيئات حتى تقوم بوظيفة حمل المعلومات الوراثية ، وهذه الصفات هي :
1- يجب أن تكون قادرة على حمل معلومات ذات فائدة حيوية على أن تحفظ هذه المعلومات بصورة ثابتة .
2- تملك القدرة على التضاعف والانتقال بدقة وبصورة ثابتة من جيل إلى آخر .
3- قادرة على التحكم في تكوين جزيئات حيوية أخرى ، أي لابد من وجود طريقة ما لترجمة المعلومات الوراثية المخزونة فيها وتحويلها إلى صورة منتجة .
4- يجب أن تتميز بقدرة محدودة على التغير، وهي ليست مجهزة مسبقاً لهذه الصفة ، إلا أنها صفة تمليها عليها عملية التطور الحيوي .
واليوم تمكن علماء الوراثة الجزيئية من عمل DNA في المختبر أو استبداله ، وحقنه في الخلية ، مغيراً الصفات الوراثية. وقبل مائة عام لم يستطع أحد أن يميز العلاقة بين DNA والوراثة ، وأصبح تعيين جزيئات الوراثة تحدياً كبيراً لعلماء الأحياء ، ومع بداية عمل مندل ومورجان ، كان العامل الأساسي لمواجهة هذا التحدي هو اختيار الكائنات الحية المخبرية . ولأن الكائنات الحية المجهرية – البكتيريا والفيروسات التي تصيبها – أبسط بكثير من البازلاء ، وذبابة الفاكهة وبالطبع الإنسان ، تم العمل على دور DNA في الوراثة أولاً بدراسة مثل هذه الكائنات الحية الدقيقة .
البحث عن المادة الوراثية
في الأربعينات من القرن التاسع عشر ، ميز العلماء الكروموسومات التي تحمل المعلومات الوراثية تتكون من مادتين هما DNA وبروتينات ، واعتقد معظم الباحثين أن البروتين هو مادة الجينات ، وبخاصة أن علماء الكيمياء الحيوية قد صنفوا البروتينات كجزيئات كبيرة وهي متخصصة بصورة كبيرة في الوظيفة وهذه هي مواصفات المادة الوراثية كما كانت المعرفة قليلة بالأحماض النووية ، والتي يبدو أن صفاتها الفيزيائية والكيميائية بعيدة عن التنظيم الضروري للمادة الوراثية ، ولكن هذه النظرة تغيرت بالتدريج ، عندما أظهرت التجارب على الكائنات الحية المجهرية المعروفة نتائج غير متوقعة .
وقد ساهمت جهود العديد من العلماء في تحديد ماهية المادة الوراثية ، ومنهم الطبيب البريطاني فريدريك جريفث (Griffith ) والعالم الأمريكي آفري Oswald Afery ( وزميلاه مكارتي وماكلويد ) في تحديد المادة المحولة لبكتيريا الالتهاب الرئوي غير المميتة إلى بكتيريا مميتة حيث دلت تجاربهما أن المادة الوراثية في البكتيريا هي حمض DNA وليس البروتينات وكذلك تجارب العالم آلفريد هيرشي Alfred Hershy ومارثا تشيس Matha Chase أن DNA هو المادة الوراثية لآكل البكتيريا T2 ، وتلي ذلك اكتشاف عالم الكيمياء الحيوية إرون شارجاف Erwin Chargaff ومساعدوه في أواخر عام 1940م أن كل أفراد النوع الواحد من الكائنات الحية تحتوي على DNA ذي تركيب كيميائي واحد ولا ينطبق ذلك على البروتين ، كما أن كل مركبات DNA تتكون من نفس النيوكليوتيدات الأربعة التي تحتوي على القواعد النيتروجينية الأربعة ( الأدنين A ، والثايمين T ، والجوانين G والسايتوسين C) وهى لا توجد بنسب متسـاوية في خلايا أفراد الأنواع المختلفة ، إلا أن DNA المستخلص من أفراد مختلفة من النوع نفسه أو مستخلص من أنسجة مختلفة لنفس الفرد تكون النيوكليوتيدات به لها نفس النسبة ، وعلاوة على ذلك فإن DNA الخاص بكل نوع يحتوي على أعداد متساوية من كل من النيوكليوتيدات الأربعة ، أي أن نسب و تساوي تقريباً الواحد الصحيح .